في الماضي كانت المرأة تلجا إلي أية وسيلة حتي لو كانت السحرة والمشعوذين لحفظ بيتها من الخراب بينما في الوقت الحاضر المرأة تستسهل اللجوء المحكمة الأسرة لطلب الطلاق حتي تتخلص من زوجها فحسب تقرير جهاز الإحصاء
تقع حالة طلاق كل 6 دقائق في مصر و أصبح هناك أكثر من مليوني مطلقة في مصر, و الغريب أن أسباب الطلاق التي تلجا بها المرأة إلي المحكمة أصبحت غريبة فهناك من تطلب الطلاق بسبب أن زوجها يحب أكل البصل وأخري خلعت زوجها لأنه يستمر في سماع الأغاني القديمة وهي تحب سماع الأغاني الجديدة وآخر يترك زوجته لأنها لا تحب أن تضع طلاء الأظافر , فكل هذه الأسباب التافهة إن دلت تدل علي تفكك الأسرة وعدم الحفاظ علي بقائها وفي هذا التحقيق نحاول أن نركز الضوء علي آراء المختصين للحفاظ علي هذا الكيان وهو الأسرة.
يقول الدكتور محمد احمد عويضة أستاذ الطب النفسي بكلية طب جامعة الأزهر: هناك عوامل كثيرة تؤدي إلي بدء العلاقة الزوجية لكن هناك عوامل أخري تؤدي إلي استمرار العلاقة, لذلك في مجتمعنا عبر التاريخ اتبعت المراة المصرية طرقا عديدة للحفاظ علي العلاقة الزوجية واستمرارها فهي يطلب منها ألا تكسر ظهر رجولة زوجها بمحاولة انتزاع بعض الحقوق, فالمجتمعات بحاجة إلي رجال كي تدافع عن الأرض والعرض والشرف والكرامة وأن انتزاع المرأة في تجريد الرجل من كل مقوماته سيجعلها ذات يوم تصحو علي عالم من أشباه الرجال الذين لا ينفعون ولا يصلحون أن يدافعوا عن وطن ولا شرف,
وأظن أن المرأة السوية لا يرضيها هذا فالمرأة لديها الذكاء و الوعي الذي يمكنها من السيطرة علي الرجل إذا نجحت في أن تقنعه بأنه مطلوب لديها فسيكون أكثر الرجال فحولة في العالم عندما يشعر بأنه مرغوب منها فسيبحث عنها والعكس عندما تشعره بأنها من الممكن أن تستغني عنه فالرجل يشعر بأنه عملاق عندما يجد أن زوجته في حاجة إليه ولا تستطيع أن تتصرف بدونه حتي ولو كان رأيها سديدا وتستطيع التصرف في الأمور كلها لكن ذكاءها في أن تفعل ما تراه عن طريق أن تقنع به زوجها دون أن يدري ومن هنا يشعر بأهميته في حياتها, فيفعل كل طاقته ليكون أهلا لهذا الاهتمام والتقدير.
بينما يري الدكتور مبروك عطية أن الرجل عليه العبء الأكبر في الحفاظ علي البيت وسعادة زوجته ويقول إن الكلمة الطيبة مفقودة بين الزوجين فلماذا نري أزواجا غلاظا في بيوتهم أرقاء خارجها علي عكس ما روي البخاري حيث قالت واحدة ممن اجتمعن يتحدثن عن أزواجهن بصدق ( زوجي إذا دخل فهد وإذا خرج أسد ) أي أنه يكون في خارج البيت وحشا يواجه ضغوط الحياة ومشكلاتها لكنه إذا دخل البيت سار مخلوقا ناعما لا قسوة فيه ولا جفاء ذلك لمن علم أن بيته كهف الرحمة في طريق عمره وأنه دخله ليلوذ إليه فيلتمس أطياف النور ويتحسس الرحمة حقيقة لا وهما وواقعا لا خيالا وما عسي أن يكون هذا الكهف إلا بيته و ما عسي أن تكون تلك الرحمة إلا زوجته.
ويرفع صوته الدكتور عطية ويتساءل هل سمعنا رجلا يقول لزوجته يا أعز الناس ويا أغلي الناس ويا رحمة الله التي ساقها إلي, بينما نصدق أن تقال مثل هذه الكلمات إلي الأجنبية والمعشوقة والحبيبة ولا نصدق أن تقال إلي زوجة.
وليس غريبا علي أهل الأدب الذين يهتمون بقصص الشعراء أن يبثوا في المجتمعات أن الشاعر الذي قال أجمل قصيدة في معشوقته ولو أنه تزوجها ما قال فيها بيتا واحدا من الشعر و هذا يدل علي تأصيل فكرة الأجنبية هي الملهمة وهي التي تكون مقصودة بوصف الجمال والرقة والدفء والنعومة وإذا تزوجها صار أبعد الناس عن وصفها ومدحها وبيان صفتها وهذا يخالف قول النبي صلي الله عليه وسلم في أم المؤمنين خديجة (آمنت بي إذ كفر الناس, وصدقتني إذ كذبني الناس) وظل يذكرها حتي مات لا حتي ماتت هي وحين قالت له عائشة رضي الله عنها (ما كانت إلا عجوزا أبدلك الله خيرا منها) قال فيما رواه البخاري (والله ما عوضني خيرا منها أبدا) وكانت هذه الكلمة إعلانا للدنيا, فعلي المرء أن يذكر زوجته بكل خير, فقد سأل فتي أباه في الزمن القديم عن حاله مع أمه كيف كان فقال في عبارة موجزة (كانت الدنيا بغيرها مقابر صماء لا صوت فيها و لا حراك , كنت أسأل عن أمك فإن وجدتها داخل البيت دخلت وإن لم أجدها خارجه في زيارة لأمها أو عند جارتها أحسست بأن البيت كهف مهجور لم تبث فيه حياة إلا بوجودها فقد كانت أمك جمالا فأنا بدونها قبح أعيش حياة ذليلة)
ويتنهد الدكتور عطية ويقول: هل من الممكن أن يكون أحد الأزواج صاحب بيان ولسان وكلمة طيبة والآخر مجرد متلق لا يبادله شعورا بشعور ولا حبا بحب , فالزوجة التي تسمع كلمة طيبة ولا تقوم بدورها بالتعبير عن إحساسها نحو هذه الكلمة إنما تقتل في الرجل كل هذه المعاني لأنه يشعر بأنها لا تسمع طيب قوله و لا تبادله حبا.